منتصب القامة يرحل .. ملكــا !






"إنه لاعب يملك جينات برشلونة، له حس رائع لكرة القدم، متواضع ووفي لفريقه. منذ أول يوم شاهدته يلعب كرة القدم، عرفت أنه سيصير الرأس المدبر لبرشلونة طوال سنين قادمة" - بيب غوارديولا.



أنيق في تمريراته، ساحر في تحركاته، عنوانه السهل الممتنع، وقادر على جعل أسوء اللاعبين أكثرهم أهدافـا.

زرقاء اليمامة مثلما قيل عنه، مهندس خط الوسط كما يحلو للبعض الآخر أن يناديه. واحد من القلة الذي يقارن بتاريخ أندية كبرى. 17 سنة من علاقة الحب بينه وبين عشيقته كرة القدم، لم يبخل عليها بشيء، مثلما لم تبخل عليه هي أيضا. 25 لقبا بمافيها كأس عالم ودوري أبطال أوروبا. عاش من أجل كرة القدم، ويرحل من أجل كرة القدم.

تحدث عن أسلوبه فقال: "هكذا أنا، أبحث عن المساحات، أتلقى الكرة ثم أمررها نحو الأمام. آخذ الكرة، وأمررها، آخذ الكرة وأمررها".

اليوم أخط هذه العبارات، والقلب يعتصر ألما على رحيل واحد ممن كانوا السبب في هيامي بكرة القدم. هكذا هي الدنيا، تعطيك أياما، وتأخذ منك أياما أخرى. لكنها اليوم اختارت انتشال واحد ليس كالآخرين.

تشافي هيرنانديز يغادر برشلونة.

لن نراه بعد اليوم في خط وسط الفريق الأزرق والأحمر، يفعل مايشاء بلاعبي الخصم. لن نرى بعد اليوم من كان أحد رموز فريق أحلام برشلونة سنة 2009 الذين يسقطون تباعا. ودعنا بويول بكل أسف، وبعده فالديز بكل أسى. أبيدال غادر كرة القدم، وفيلانوفا فارق الحياة في قصة انهيار بطل أمام مرض لعين. لكن اليوم أتى الدور على زرقاء اليمامة.

"أريد مواصلة لعب كرة القدم، لكن جسدي لم يعد قادرا على ذلك",

ذاك الطفل الذي لايستطيع النوم إلا وهو يحضن الكرة، هو نفسه من اعتلى منصات الألقاب سنوات بعدها. ذاك الذي سعى للبحث عن عشقه داخل أسوار لامسيـا، هو نفسه من يرحل اليوم غانما بحب الصديق والخصم. هو ذاك الفتى نفسهالذي تأثر بلعب الكرة الإنجليزية في شخصي بول غاسكوين وجون بيرنز، فشاءت الأقدار أن تكون أولى مبارياته 17 سنة قبل اليوم ضد الكرة الإنجليزية ممثلة في نادي سواثهامبتن. ذاك الشاب الذي وقف بجانب البارسا في أيام الفريق السيئة يوم كان يصارع من أجل الوصول للمناطق الدافئة من الدوري، هو ذاته الذي صنع مجد الفريق مع فريق أحلام بيب غوارديولا.

سترحل غير مخلف إلا ذكريات يلجأ إليها المرء لعله يستعيد شيءا من حنين الماضي الجميل. سترحل تاركا وراءك الرقم "ستة" لايرضى بغيرك بديلا. سترحل تاركا وراءك أمة تشتاق لرؤية سحر ينشر على أرضية الملعب. سترحل تاركا توأم روحك ولعبك وأسلوبك إنييستـا يتيما تائها. سترحل مخلفا ميسي يلتفت للوراء فلايجدك. سترحل وتترك بوسكيتس دون دعمك، سترحل وتترك شباب لامسيا مفتقدين لتوجيهاتك ونصائحك، كنت الوالد والزميل والمرشد لهم. واليوم تتركهم كاليتامى لاأب لهم.

ما أجمل الحياة وما أقسـاها. ما أجملها حينما تعرفنا على أساطير مثل تشافي، وما أقسـاها حينما تحرمنا منهم.

فياليت الزمن يعود، وليت عجلة الزمان تعود سنين للوراء، ثم تظل ثابتة على لحظات الفرحة، هي البلسم لإشفاء غليل خبر نزل كالصاعقة على كل محب لكرة القدم. نعم، فتشافي مِلك لتاريخ هذه الرياضة، مِلك لتاريخ الكرة الإسبانية ومِلك لصرح كتالونيا.

إن غدا لناظره لقريب، ومن ترعرع بين أحضان البارسـا، من المستحيل أن يقول وداعا للأبد. لنا لقاء لاحق ياتشافي، مدربـا للبـارسا، أو إداريـا فالأمر سيـان. المهم أن نراك عدت مرة أخرى للقلعة التي عشت داخلها كل أيامك، وكل سنواتك، وكل لحظاتك بحلوها ومرهـا. نحن بالانتظار يازرقاء اليمامة، مكانك معهود، ورقمك محفوظ، إذهب حيثما أردت، فأنت راجع لامحالة.


Image and video hosting by TinyPic Image and video hosting by TinyPic
Rate this posting:
{[[''],['']]}
Rate this posting:
{[['']]}