جريس تادرس 



 عندما تتحدث عن أبرز هدافي كرة القدم الأردنية على مر العصور، فإن جريس تادرس سيكون من بين هؤلاء، حيث يمتلك حكايته الخاصة به، فهو "هدّاف" لن يتكرر، ومنذ اعتزاله وفريقه الفيصلي يعاني ومنتخب الأردن يجتهد في البحث، لكنهما لم يستطيعا تعويض "دبور" الكرة الأردنية وهدافها الذي كان يسجل من نصف فرصة .


وفي بورتريه  لهذا اليوم سنجتهد في تقديم أبرز محطات "الدبور" هدّاف الأردن والعرب، وهنا تستحضرني الذاكرة حينما قال عنه ذات مرة المدير الإداري السابق للفيصلي المرحوم جميل وريكات :" جريس هداف لن يتكرر، قدمه نحو المرمى أشبه بأفعى سامة وقاتلة".

وعندما تتناول سيرة ومسيرة هذا الهداف فإن أول ما يتبادر إلى الذهن مباشرة هدفه التاريخي في مرمى منتخب سوريا الشقيق الذي ضمن أول ألقاب منتخب الأردن في نهائي الدورة العربية السابعة التي أقيمت في بيروت عام 1997، ويومها كان جريس يعاني من الإصابة لكن المرحوم محمد عوض المدير الفني لمنتخب الأردن آنذاك آثر على الدفع به في الدقيقة 75 والنتيجة تشير إلى التعادل السلبي، وبلمح البصر تابع الدبور الكرة العرضية المرسلة من فيصل ابراهيم ليلصق الكرة دونما فلسفة داخل الشباك مانحاً الأردن أول لقب رسمي.

وجريس المولود عام 1972 في مدينة الزرقاء أطلق عليه محبيه والنقاد الكثير عدة ألقاب أشهرها :( الدبور ، الأفعى ، المنقذ ، المرعب ،عاشق الأهداف والقناص وأيقونة حظ).

ومن شارع بولاد في مدينة الزرقاء كان جريس يسرد بداية حكاية عشقه لكرة القدم، وفي مدرسة دير اللاتين كان هذا الموهوب يبدع ويمتع رفاقه بأهدافه الساحرة والمثيرة للانتباه، وعندما بدأت موهبته التهديفية تدخل مرحلة النضوج، كان نادي القوقازي يخطف هذه الموهبة حيث لعب له لفترة قصيرة ثم تعرض لإصابة وبعدها لم يعد لناديه.

وفي العالم 1988 وحينما كان جريس يبلغ 16 ربيعاً من عمره، كان صديقه شريف شماس يسدي له نصيحة بضرورة التوجه للنادي الفيصلي، فموهبته تكفل له اللعب بناد البطولات والعراقة، ويومها خضع جريس لاختبارات في النادي الفيصلي حيث تواجد فيها نحو 100 لاعب ناشيء، لتقع عين المدرب محمد اليماني على جريس حيث رحب بانضمامه للنادي الفيصلي ليحضر جريس في اليوم التالي شهادة ولادته وعدة صور شخصية فتم تقييده رسمياً بالفيصلي.

لم تغمض لجريس عين بعد ذلك اليوم، فبدأ ينسج خيوط أحلامه وكيف أن المستقبل ينتظره على أحر من الجمر، وبدأ يتحدث مع نفسه.. غداً سأخطف الأضواء .. غداً ستتغنى الجماهير بإسمي.. وغداً قد أصبح هدافاً لأقوى الأندية الأردنية.. فمن يدري؟.

بدأ جريس المشوار مع الفئات العمرية، والعيون تتأمل لهذا الموهوب أن يكبر ليصعد للفريق الأول وهو ما كان يتحقق في العام 1990 عندما منحه المدرب عدنان مسعود فرصة المشاركة مع الفريق الأول، ليسجل 6 أهداف ببطولة الدوري في أول موسم كروي له مع كتيبة العميد، ليصبح جريس مع مضي الوقت مطلباً جماهيرياً حيث أثبت قدراته بلسعاته.

ومن أبرز السطور الذهبية في مسيرة نجمنا، بأنه بعد ثلاث سنوات من مشاركته للفريق الأول وتحديداً في موسم 1993-1994، توّج هدافاً للدوري برصيد 19 هدفاً، وهو رصيد تهديفي أهله ليكون ضمن الأسماء المرشحة للظفر بلقب هداف العرب الذي نظمته مجلة الوطن الرياضي العربي، حيث حل جريس وصيفا لهداف العرب الاماراتي عبد العزيز  محمد، وقبلها بعام كان جريس هدافاً لفريقه بتصفيات الأندية العربية برصيد 3 أهداف، وهي الأهداف التي ساهمت في بلوغ الفيصلي الادوار النهائية للبطولة ويومها توج الدبور أيضاً هدافا للنهائيات برصيد 3 أهداف وبمشاركة نجوم كبار كالسعودي سعيد العويران والتونسي العيادي الحمروني.

تلك الأرقام التي سجلها جريس بسرعة البرق دللت بقوة بأن كرة القدم الأردنية على موعد مع هداف كبير سيفرش الطريق بالفرح والسعد لجماهير الكرة الأردنية.

وفي عام 1992 ارتدة جريس قميص الفخر والإعتزاز قميص منتخب الأردن، وكانت المشاركة الأولى له في بطولة الأردن الدولية، ويومها حل جريس وصيفاً برصيد 4 أهداف خلف العراقي احمد راضي (5 أهداف)، ومن هنا كان جريس يعلن رحلته التهديفية مع منتخب النشامى بعدما أصبح تعويذة النصر.

وعلى امتداد مشواره مع الفيصلي، سجل جريس 81 هدفاً من عام 1990 ولغاية موسم 1997، وبعدما شهد العام 1993 تسجيله ل 19 هدفاً وهو رقم قياسي، سرعان ما كان الدبور يحطم هذا الرقم حيث سجل في موسم 2000 ، 24 هدفاً في 18 مباراة ليظفر بجائزة هداف العرب حيث نال الحذاء الذهبي من مجلة الحدث اللبنانية ليصبح أول لاعب أردني يظفر بجائزة هداف العرب.

مثلما ساهم جريس في انجازات الفيصلي العربية على صعيد بطولة الأندية أبطال الكأس أو بطولة كأس النخبة التي حل فيها الفيصلي وصيفاً.

وعن جريس، قال الخبير عزت حمزة:" لا أظن أن هنالك اثنين في الأردن اختلفا على موهبة جريس التهديفية، فاللاعب الهداف يختلف عن بقية اللاعبين كونه عملة نادرة وفريدة ، ولكل هداف صفاته الخاصة، فابراهيم مصطفى اشتهر بسرعته وقوة تصويباته وسبقه المرحوم كنعان عزت كمهاجم ذو مواصفات متميزة كما برز نصر قنديل مهاجم الوحدات بحساسية تهديف غريبة جداً وكذلك جريس كان له مواصفات خاصة، فهو يهاجم بمهارة جذابة ورؤية سديدة وحساسية تهديفية مفرطة داخل منطقة الجزاء وهي مواصفات لا تجتمع في مهاجم واحد لكنها اجتمعت بجريس تادرس".

ويعتبر جريس أول لاعب أردني يدخل استفتاء عربيا ويتم اختياره ضمن قائمة أفضل عشرة لاعبين في الوطن العربي في العام 1998 حيث حل بالمركز الثامن.

ولا ينسى جريس تادرس مكرمة الملك الحسين - طيب الله ثراه- حينما أصدر توجيهاته بضرورة علاج تادرس في أفضل المستشفيات بالولايات المتحدة وتحديدا بعد المشاركة في الدورة العربية ببيروت حيث بلغت تكاليف علاجه في العام 1998 نحو 40 ألف دولار ويومها تم استخراج 4 قطع من الكلس المتحجر ومعالجة القطع في وتر القدم .

ورغم قلة المباريات التي كان يخوضها منتخب الأردن في ذلك الزمن إلا أن جريس تادرس مثله في 37 مباراة رسمية وسجل فيها 22 هدفاً.

وفي بداية القرن الجديد تعرض جريس تادرس لإصابة في الرباط الصليبي حيث غاب عن الملاعب لنحو ستة شهور، وبعدها حاول جريس العودة قبل أن يتخذ القرار الصعب، قرار اعتزال كرة القدم في العام 2002، ومنذ ذلك التاريخ وجريس ينتظر أن تنظم له مباراة اعتزال سواء عبر ناديه الفيصلي أو الإتحاد الأردني، ولكنه لم يحظ بذلك وهو ما يزال حتى اللحظة عاتب شديد العتاب، كون عطائه قوبل بالنكران حيث قدم الكثير لكرة القدم الأردنية لكنه ما يزال حتى اللحظة بلا مباراة اعتزال.

ما سبق، يعد أبرز محطات هدّاف كامل الأوصاف، لن يغيب عن البال والخيال، هدّاف من طراز رفيع لن يتكرر، قدم الكثير وهو حالياً يملك أكاديمية لموهوبي كرة القدم ويعمل على تقديم إحدى البرامج الرياضية الإذاعية.

جريس تادرس.. هدّاف كانت تحسب له الخصوم ألف حساب، لن ينسى بأهدافه ولسعاته وبسماته التي كان يزرعها على شفاه محبيه، فهو عملة نادرة ما تزال تفتقدها ملاعب كرة القدم الأردنية ، ولهذا ما تزال الجماهير تردد : وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ.. عفواً (الدّبورُ).


Image and video hosting by TinyPic Image and video hosting by TinyPic
Rate this posting:
{[[''],['']]}
Rate this posting:
{[['']]}